الاهل والطعام والبيئة مثلث الاثر في العلاقات الاجتماعية

الشيخ الدكتور علي أحمد باقر

الاهل والطعام والبيئة مثلث الاثر في العلاقات الاجتماعية

 

الحمد لله والصلاة على محمد وآل محمد ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادية له

اما بعد

قال تعالى :

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) سورة البقرة

قال رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم : افعل يا بن آدم كما شأت فكما تدين تدان

 

مقدمة :

من المتعارف عليه ان الانسان رهين افعاله ورهين افكاره ، الا ان العجب ما يكون من الانسان كون ان يبحث عن من يتحملون اخطائه واختياراته ، لهذا نجده يقول الشيطان وتارة اخرى يقول النفس الا انه تجاهل القصد في الفكر والعمل .

الا ان البعض يتساءل كون انه رهين افعال اشخاص لا شأن بذنوبهم الا انه يعلم بانهم قد ارتكبوا ذنوب وعليه فان البلاء سيقع عليه بالاستشهاد برواية كما تدين تدان

اذ ان الشخص يضل طوال حياته رهين السجود لله ولكنه خائف من صنائع والده او زوجها او اخيها او ... أو

ت

الآيات الدالة على اجتماع العائلة

الآيات الدالة على فردية الاعمال وعدم اتصالها بالعائلة

1

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)سورة الرعد

 

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) سورة المؤمنون

 

2

هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)سورة يس

 

يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) سورة الحج

 

3

رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)سورة غافر

 

فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) سورة عبس

 

4

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)سورة الصافات

 

 

5

الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) سورة الزخرف

 

 

6

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) سورة الفرقان

 

 

7

قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)سورة ق

 

8

وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60)

 

 

وهناك الاقوام الاخرى التي تعذبت نتاج افعالها حيث ان العذاب وقع على كافة القوم دون استنشاء الا الصالحين ولكن من ضمن المعذبين نساء واطفال وشيوخ

 

 

 

نحن هنا في هذا البحث سنتحدث عن تلك العلاقات المترتب عليها اثر في العمل والفكر

بداية يقول المولى عز وجل في سورة البقرة :

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) سورة البقرة

 من خلال الآية القرآنية نجد ان الانسان دائم التفكير في ذريته وما يكون عليها الامر من بعد وقد تناسى بان الله سبحانه وتعالى هو من رزق البنين والبنات حيث يقول المولى :

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) سورة الشورى

لكن طبيعة الانسان هكذا تحب ان تقوى اثرها في الارض من خلال الوارث . ولا بأس من ذلك نعم الآية القرآنية من الجانب الايجابي تحدد ان الانسان اذا قضى حياته الدنيوية في سمو الاخلاق فان بالضرورة الله يجعل لما اخلفه ذلك المؤمن خير لأهل ولعل افضل ما نشير به من مثل هو ما جاء في سورة الكهف في قصة سيدنا الخضر عليها السلام وسيدنا موسى عليه السلام في شأن الجدار الذي كان ينهدم حيث يقول المولى عز وجل :

 

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82) سورة الكهف

وهنا يقال بان الاثر الذي يقدم المؤمن في الدنيا يبقى ليظلل على أهل بيته وايضا هناك سبب آخر وهو ان المؤمن ترك بيئة صحية اخلاقية ممتازة ساهمت على ابقاء الاثر .

مثال للشرح :

عند اغلاق المصباح الجهور تجد ان هناك بقاء لهالة ذلك المصباح بالرغم من اغلاقه ؛ ذلك اثر المؤمن بعد وفاته .

ويكون هذا مصداق لحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : كما تدين تدان .

لكن في الشق الاخر ما حال لو ان الانسان قدم في حياته النقاط السوداء في فهل لها اثر على الذرية مع مراعاة قول الله تعالى :

أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) سورة النجم

وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ (20) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) سورة فاطر

 

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) سورة الزمر

 

لاحظ اخي واختي

الآيات تصرح ان الانسان رهين افعاله ولا حاجة لتحويل نتائج افعاله الى عقبه اذن هل هناك تعارض مع الآية التي تصرح بالعذاب الواقع على الذرية واليه بعضا من الامثلة :

 

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)سورة الرعد

هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)سورة يس

رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)سورة غافر

 

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)سورة الصافات

 

الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) سورة الزخرف

 

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) سورة الفرقان

 

 قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)سورة ق

 

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) سورة المؤمنون

 

يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) سورة الحج

فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) سورة عبس

 

اذن هل هناك علاقة تضاد بين الآية القرآنية ؟

الاجابة بالطبع لا

فلو لاحظنا ان الانسان العاصي او المؤمن عندما يقول بخلق بيئة معية خاصة به وقد ارتضاها من يعيش معه فقد بالضرورة لحق باثر عمل ذلك الانسان واليه مثال للشرح :

كل سفينة بما تحتويه من بحارة هو رهن اوامر الربان او القبطان ذلك لانهم ارتضوا البقاء معه .

فلو كان الربان على غير مبتغاهم لخرجوا من سفينته كما فعل المسلمون الاوائل من قتالهم لعمومتهم وذريتهم وآبائهم لما كانوا اعداء لله ولرسوله واشير اشارة بسيطة الى غزو بدر وأحد

 

فالمشهور عند العلماء ان الانساب والعلاقة البشرية رهين الطبقات الاجتماعية من الطبقة الاولى من الوالدين والاجداد والاحفاد وكل ذلك هو نتاج البيئة التي يقدمها الانسان لتكون مناخ يتوالد به الاولاد وتحيا به الزوجة

واشير هنا الى رواية توقيف الابناء يوم القيامة الى ابيهم وهم يقولون يا رب خذ حقنا من ابينا فهو من اطعما حراما واوجد لنا البيئة الحرام حتى اصبحنا نحيا بالحرام

 

نعم البيئة والطعام مؤثران في اخلاقيات الانسان هذا يقول  المولى عز وجل في سورة عبس :

فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْباً (30) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (32)سورة عبس

لان الطعام الحلال اثر في الاخلاق عميق واشير الى رواية من شرب المسكر لا تقبل صلاته اربعين ليله لماذا لان المسكر او الطعام عموما يبقى اثر اربعين يوم في الجسم وقد صرح علماء الاحياء ان الجسم البشري تتغير كافة خلاياه كل اربعين يوم

اذن الطعام مؤثر في الاخلاق وعليه اياه الانسان النظر في طعامك بحيث ان تأكل من حلال خال من الحرام او الشبهات ومن تلك الشبهات ان يكون الطعام  من مال مشبوه او عليه حقوق سرعية ام ان الطاهي غير مسلم او ان الطعام غير اسلامي .

نعم تلك مؤثرات في اخلاق الانسان ولكنها تختلف على اختلاف اثرها فكل ما يقوم به الانسان من اعمال ما هي الا مجموعة في اثر هو تاركة او بيئة اوجدها وتربها اهل بيته فهم لما كان يفعل فاعلون

واما من اوجد البيئة المناخية الصالحة أي انه تاب واشير الى قوله تعالى :

إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) سورة الفرقان

 

اذن من جهد نفسه وغير من بيئة وهاجر الى الله فان بالضرورة تتغير معها الاثار لتكون آثار طيبة خالية من اشراك الشياطين

نعم الاثار الصالحية تدوم بدوام الله والاثار الشيطانية تدوم بدوام الاثر البئي المصاحب لها لكن مع زوالها تزول الاثرة

واشير هنا الى قصة قوم يونس عليهم السلام :

حيث ان القوم كانوا من الاصنام لها عابدون وكانوا من قبيح العمل مميزون حتى غضب يونس عليه السلام ودعى الله العلي السميع ان ينتقم منهم .

وما ان دعي الاجل حتى تضرعوا الى الله العلي القدير سائليه الغفران وبالفعل مع تغير البيئة المناخية السيئة الى بيئة صالحة وهو فرار ضلال ابليس من المكان حتى دبة بيئة صالح رفعت عنهم العذاب فرت الريح العقيم من فوق رماحهم دون ان تعذبهم واشير الى قول الله تعالى :

فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (100) سورة يونس

وايضا اشير الى قصة حقيقية وواقعية

يحكى ان امرأة مات زوجها وترك لها ولد صغير تربيه وكانت مولوه بالسحر والشعوذة وكان وليدها لا يرغب باختيار الشيطان وليا له .

فما كان من الوليد الا ان جعل من البيت محلا للمبيت فقط وكان دائم على قرآن القرآن الكريم في مكان مبيته حتى لا تسلل الشياطين لهم .

واخذت السنون من هذا الصبي حتى بلغ مبلغ الرجال والتحق بالجيش لهجر ذلك البيت ذو البيئة الشيطانية وترك الشطان وهاجر .

وتمر الاشهر سريعا ويزور امه ليجدها قد دأبت على تغير حتى اثاث المنزل ليواكب من تتطلب البيئة الشيطانية فلم يكمل يومه حتى عاد الى ثكنة المعسكر وتمر الاشهر وانتهى مدة المبيت في المعسكر ويؤذن له بالذهاب الى بيت امه ليجدها فاقدة للعقل تماما حتى انها اصبحت ترى اشياء لا يرها احد وتتحدث مع المجهول فأصبحت هنا عاجز عن ادارة اعمالها فما كان من الولد ان داوم على رقي امه وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم في المنزل واخذ من ماء زمزم يريقه على جدران المنزل ليغير تلك البيئة التي سرعان ما شع بها نور الشمس ونور الايمان ومعه بدأت الام بالبرء من امراضها بفضل تغير البيئة الاجتماعية الروحانية عليها .

 

الخلاصة :

1.    الاعمال جميعا تولد في بيئة يصطنعها الانسان لنفسه ويتربى بها عقبه واهله حتى يتشربوا من البيئة ليكونوا على آثارها باقول الا العقلاء .

2.    الاعمال الصالحة تكون بيئتها باقية ببقاء الله عز وجل وتحلي اهلها بها .

3.    الاعمال السيئة تزول بزوال الشيطان الواجد للبيئة سواء اكن الشيطان هذا هو رب الاسرة وقبطان سفينتها او احد اعوانها .

4.    الطعام هو من الركائز الاساسية في تكوين البيئة الاجتماعية

5.    المال المحرك للبيئة الاجتماعية مؤثر

6.    البيئة العامة اختيار وليست واقع مفروض .

7.    العاقل من يختار البيئة اهل البيت عليهم السلام .( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) سورة يونس

8.    الشقي من يختار بيئة الشياطين (إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) ال عمران

9.    الشيطان ذو وعود وهمية وسرعان ما يتبرأ ويهرب (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121) سورة النساء