سيدنا يونس عليه السلام


كتبت أماني الفضلي عن محاضرة الدكتور علي احمد باقر



قال تعالى في محكم كتابه الكريم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم  بسم الله الرحمن الرحيم  (وتلك الايام نداولها بين الناس  وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) وقال آيضاً قوله الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ) صدق الله العلي العظيم

يوجد استفهامات كثيرة عن سيدنا يونس (ع) وفي قرأتي لأحدى الابحاث المتواترة ، يروي بها إن الله سبحانه وتعالى غضب على سيدنا يونس (ع) لأنه لم يرضى ببيعة علي  وحديث غير مقبول ( وما انزل الله به من سلطان ) .......

الاجابه على ذلك ، الله سبحانه وتعالى وضح بآيه ( وإذا النون ) قدم صاحب الحوت على القصه لأنه القصة في ترتيبه( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) يقول الله تعالى (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ

هذه الايات المباركة من كتاب الله تعالى تحدثنا عن سيدنا يونس (ع)  وعلى نبينا عليه افضل الصلاة والسلام وقد بعثه الله تعالى الى اهل قرية نينوى ،فدعاهم الى الله فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم فخرج من بين اظهرهم مغاضبا لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث فلما تحققوا من ذلك وعلموا ان النبي لا يكذب خرجوا الى الصحراء بأطفالهم وانعامهم ومواشيهم وفرقوا بين الامهات واولادها ثم تضرعوا الى الله عز وجل وجأروا اليه ، ورغت الابل وفصلانها وخارت البقر واولادها وثغت الغنم وحملانها فرفع الله عنهم العذاب قال الله تعالى (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (  فرفع عنهم العذاب فأصبح مغاضباً وهل الغضب الذي اغضبة سيدنا يونس (ع) به اشكال ؟( فظن لن نقدر عليه )

وهنا الكلمة في حد ذاته بهذه الآيه المباركه تجعل الانسان بلحظة تأمل هل سيدنا يونس ظن بإنه  خرج عن حدود الله عزوجل ؟وخروجه عن قدرة الله  وفي تداركنا لقصة سيدنا يونس (ع) من ضوء مدرسة أهل البيت (ع) نجد بها أمور رائعه حتى بعث الله به إلى قرية نينوى

اما عن سيدنا يونس عليه السلام فانه ذهب فركب مع قوم في سفينة فتحركت بهم السفينة في البحر وخافوا ان يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا ان يلقوه ثم اعادوا القرعة فوقعت عليه ايضا - فأبوا قال تعالى (وإن يونس لمن المرسلين اذ ابق الى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه الى مائة الف او يزيدون فآمنوا فمتعناهم الى حين) ا، أما قوله تعالى فساهم فكان من المدحضين أي وقعت عليه القرعة فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه وألقى بنفسه في البحر وقد ارسل الله سبحانه وتعالى من البحر حوتا يشق البحار حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة وأوحى الله تعالى الى الحوت ألا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما فان يونس ليس لك رزقا وانما بطنك يكون له سجنا ، فظن ان لن نقدر عليه أي نضيق عليه في بطن الحوت فنادى في الظلمات  من ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل  وقال مجموع غفير من العلماء الكرام ان الحوت ذهب به في البحار يشقها حتى انتهى به الى قرار البحر فسمع سيدنا يونس تسبيح الحصى في قراره فعند ذلك وهناك قال : ( لا اله الا انت سبحانك) ولما صار يونس في بطن الحوت ظن انه قد مات ثم حرك رجليه فلما تحركت سجد مكانه ثم نادى يارب اتخذت لك مسجدا في موضع ما اتخذه احد ، قال بعضهم : وأنت بفضل منك نجيت يونس وقد بات في اضعاف حوت ليالي وقوله تعالى (فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون) قيل لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء وقيل لولا انه كان من المصلين وقيل - سمع تسبيح دواب البحر فصلى وسبح في بطن الحوت فسمع الملائكة تسبيحه فقالوا : يا ربنا انا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة قال : ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد اليك منه كل يوم وليلة عمل صالح؟. قال نعم قال فشفعوا فيه عن ذلك ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل قال تعالى : (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) أي القيناه بالعراء وهي الارض التي ليست بها نبت ولا بناء كما يروي بها  وهو سقيم أي ضعيف البدن كهيئة الصبي حين يولد وانبتنا عليه شجرة من يقطين وهو القرع وحفظه الله تعالى وعاد سليما معافى وقال تعالى (وأرسلناه الى مائة الف او يزيدون) ولا مانع ان يكون الذي ارسل اليهم اولا امر بالعودة اليهم بعد الخروج من الحوت فصدقوا كلهم وآمنوا به.
وحكى انه ارسل الى امة اخرى بعد خروجه من الحوت كانوا مائة الف او يزيدون (ويزيدون) بل يزيدون وكانوا مائة وثلاثين الفا المهم ان القوم الذين ارسل اليهم امنوا به فمتعناهم الى وقت اجالهم وكان جزاء سيدنا يونس عليه السلام من جنس عمله فهو لم يصبر بداية على تكاليف الرسالة فضاق صدره بالقوم وألقى عبء الدعوة وذهب مغاضبا ضيق الصدر حرج النفس فأوقعه الله في الضيق الذي تهون الى جانبه مضايقات المكذبين فالتقمه الحوت وهو مليم أي مستحق للوم وانطلق مغاضبا حتى ركب سفينة فقال لهم يونس ان معهم عبدا آبقا من ربه وأنها لا تسير حتى تلقوه فقالوا : لا نلقيك يا بني الله ابدا قال : فاقترعوا فخرج عليه ثلاث مرات فألقوه فالتقمه الحوت فبلغ به قرار الارض.
الخلاصة :

قصة سيدنا يونس (ع) هي تثبت مدى استجابتة وآيضاً دلالة تلك الآيه دلاله السجود فإن ذكر الله كثيراً يبهج النفس ويهديه ( وإذا خضعت خضعت الوجوه للحي القيوم ) وهي إذا دخلت في مرحلة السجود وإن بذكر الله كثيراً وطلب الحوائج فإن يقضي الحوائج ( إني قريب اجيب دعوة الداعي إن دعاني ) وأيضاً قوله تعالى ( وابتغوا إليه الوسيله ) ولذلك كان اصحاب الدعوات لابد ان يتحملوا تكاليفها وان يصبروا على التكذيب بها فطريق الداعية ليس هينا لينا واستجابة النفوس للدعوات ليست قريبة يسيره ومن السهل على صاحب الدعوة ان يغضب لان الناس لا يستجيبون لدعوته ولكن اين هي الدعوة؟ ان الدعوة هي الاصل لا شخص الداعية فليكظم ويمضي والله يحفظ دعوته ومن تعرف على الله في الرخاء تعرف الله عليه في الشدة وعلى جميع المسلمين ان لا ييأسوا من رحمة الله. فرب العالمين رحمته واسعة وهو يجيب من دعاه وابتهل اليه نسأل الله تعالى ان يجمعنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين انه على ذلك قدير اللهم امين.